رغم التطور التكنولوجي الذي شهده العالم، لازلت أزاولُ عادةً روتينيةً عند كتابة مقال أو مراجعة دروسي؛ ألا وهي الكتابة باليد بدل استعمال الحاسوب.
كنت و لا زلت لا أملك ذريعة تمكنني من تعليل اختياري هذا، و لكن الآن على الأقل، أدرك أنهُ، علمياً، طريقتي هذهِ تجني ثماراً.
في سنة 2020، عزموا على السعي وراء ما تكبّدوا من أجله الكثير من الجهد والعناء الفِكريين. لقد قامت البروفيسورة بنشر دراسة تخص نفس التجربة، قامت بها بمشاركة إثنا عشر شاباً واثني عشر طفلا. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يشملُ فيها الاختبار أطفالا.
أعلنت النتائج أن دماغ كلتا الفئتين كان أكثر حيوية وفروهة عند الكتابة باليد. وتشير البروفيسورة إلى أن "استخدام القلم والورق يمنح الدماغ مساحة أكبر لحفظِ الذكريات الخاصة لكل فردٍ. فهذا النوع من الكتابة يَخلق نشاطًا أكثر بكثير في الأجزاء الحسية من الدماغ. كما أثبتَ أنهُ يتم تنشيط الكثير من الحواس عن طريق الضغط بالقلم على الورق ورؤية الحروف التي تكتبها وسماع الصوت الذي تصدره أثناء الكتابة. هذه الخبرات الحسية تخلق اتصالًا بين أجزاء مختلفة من الدماغ و تجعله أكثر انفتاحاً للتعلم. وهكذا، نتعلم أكثر و نتذكر أكثر".
كما أنها تعتقد أن دراستها، بالإضافة إلى غيرها من البحوث، تؤكد على ضرورة دفع الأطفال نحو الرسم والكتابة منذ صغرهم. مما لا شك فيه، أن محاسن التعليم الإلكتروني وافرة، إلا أن تأثيره على مآل الكتابة باليد مؤسف، بالنسبة لأودري فان دير مير ... ثمة خطرُ تلاشي هذه القدرة وعدم تمكن الأجيال الصاعدة على تطويرها. ولعل هذا تحديداً ما يثيرُ قلق البروفيسورة.
و أضافت أن: " بعض المدارس في النرويج أصبحت رقمية تمامًا وتتخطى التدريب على الكتابة اليدوية. مؤكدةً في ذات الصدد، أنّ المدارس الفنلندية أصبحت رقمية أكثر من النرويج. وقلة قليلة جدًا من المدارس تقدم أي تدريب على الكتابة اليدوية على الإطلاق".
دافع مؤيدو اعتماد الرقمنة على هذا التوجه، معتقدين أن الكتابة على لوحة المفاتيح تتميز بكونها سريعة وأقل إحباطا للتلاميذ، مقدمين ذلك كحجة علمية في نقاش حول الموضوع ذاته، والتجاذبات بخصوص سؤال الكتابة بين اللوحة الالكترونية والكتابة باليد.
بينما تتجهُ أودري فان دير مير إلى طرحها، الذي تعتبر من خلاله، أن "تعلم الكتابة باليد هو عملية أبطأ قليلاً، بيد أنه من المهم للأطفال أن يمروا بهذه المرحلة المتعبة. فالكتابة باليد تتطلّب التحكم في مهارات وحواس التلميذ الحركية الدقيقة. وعملياً يكون وضع الدماغ في حالة تعلمٍ، قدرَ الإمكانِ، لشيء في بالغ الأهمية".
لا خلاف أن لكل فرد الحرية في اختيار ما يريحه واعتماد أسلوبه، لكن هل حقاً تستطيعُ لوحة المفاتيح على أن تحلّ محلّ الحبر المقدس يا ترى؟
لا تستطيع بالتأكيد
ردحذفشكرا على مرورك
حذفإرسال تعليق