نعرض لكم في هذه الفقرة سلسلة من الاجتهادات القضائية المتنوعة والمتعددة جغرافيا وموضوعاتيا، فمن حيث الاختصاص المكاني سنبسط اجتهادات قضائية صادرة عن محاكم محلية وأخرى إقليمية ودولية، أما من حيث الموضوعات فسنتطرق لشتى مجالات الحياة الاجتماعية والأسرية والتجارية والإدارية والحقوقية والدولية الصادرة عن القضائين العام والخاص.
وتبقى الغاية المنشودة من هذه الفقرة هي الرفع من الوعي القانوني والحقوقي والثقافي بالمستجدات القضائية التي تفسر الواقع على ضوء القانون. ولنا في موضع آخر في هذا الموقع التوقف عند مجمل الاجتهادات الفقهية المكملة للاجتهاد القضائي. فضلا عن ذلك، نروم المساهمة في وضع قاعدة بيانات للطلبة والباحثين والممارسين على السواء كمصدر يرجع إليها في أعمالهم وأبحاثهم. وتيسر على المتقاضين فهم آليات الاجتهاد القضائي وطرق نيل حقوقهم المشروعة.
مفهوم عقد التأمين وإثباته:
القضاء المحلي(المغرب)-قضايا المنازعات التجارية:
القرار عدد 123 الصادر بتاريخ 27 فبراير 2014، في الملف التجاري عدد 232/ 3/ 1/
2013
أولا- الإشكال الواقعي أو النازلة:
أثناء عملية شحن رخام لفائدة شركة(2)، وقع لسائق تابع للشركة(1) حادث نتج عنه تعرضها للكسر مما جعلها غير قابلة للتسويق حسب محضر المعاينة وتقرير الخبرة. فهل يعوض عقد التأمين على الشاحنة، التأمين على المسؤولية المدنية تجاه هذه الأضرار؟. وكيف يمكن إثبات ذلك؟.
ثانيا- الموقف القضائي:
قضت محكمة الاستئناف بقبول الدعوى شكلا وموضوعا بإحلال شركة التأمين(3) محل المستأنفة(1) في الأداء. وهو القرار المطعون فيه، والذي أصدرت بشأنه محكمة النقض-الغرفة التجارية- الاجتهاد التالي:
" عقد التأمين هو عقد رضائي يمكن إثباته كتابة بعقد أو بوثيقة التأمين أو بالكتب المتبادلة بين المؤمن والمؤمن لها أو بغيره من الكتابات، والمحكمة لما اعتبرت أن شهادة وكيل شركة التأمين التي تفيد تأمين هذه الأخيرة للمسؤولية المدنية للمؤمن لها بمثابة تجديد ضمني للعقد، تكون قد اعتبرت وعن صواب أن شهاد التأمين كافية لإثبات واقعة التأمين، مسايرة بذلك مقتضيات المادة 11 من مدونة التأمينات التي تتحدث عن كيفية تحرير عقد التأمين، وكذا المادة 12 من نفس المدونة التي تتحدث عما يجب أن يتضمنه العقد من بيانات، ولم تقلب عبئ الإثبات لكون شركة التأمين هي التي يقع عليها إثبات خلاف ما جاء في شهادتي التأمين الصادرة عنها".
ثالثا- الأساس القانوني:
-تنص المادة 11 من القانون رقم 17.99 يتعلق بمدونة التأمينات( الجريدة الرسمية عدد 3133الصادرة بتاريخ 7 نوفمبر 2002، ص 3105) على مايلي": يجب أن يحرر عقد التأمين كتابة بحروف بارزة. يجب إثبات كل إضافة أو تغيير في عقد التأمين الأصلي
بواسطة ملحق مكتوب وموقع من الأطراف. لا
تحول هذه الأحكام دون التزام المؤمن والمؤمن له تجاه بعضهما البعض بواسطة تسليم
مذكرة تغطية، ولو قبل تسليم عقد التأمين أو الملحق "؛
- تنص المادة 12 من مدونة التأمينات على مايلي:" يؤرخ عقد التأمين الذي يبين الشروط العامة والخاصة في اليوم الذي تم فيه
اكتتابه. ويتضمن
على وجه الخصوص: - اسم
وموطن الأطراف المتعاقدة؛ - الأشياء
المؤمن عليها والأشخاص المؤمن لهم؛ - طبيعة
الأخطار المضمونة؛ - التاريخ
الذي يبتدئ فيه ضمان الخطر ومدة صالحية هذا الضمان؛ - مبلغ الضمان الذي يلتزم به المؤمن؛ - قسط أو اشتراك التأمين؛ - شرط الامتداد الضمني إذا
تم التنصيص عليه؛ - حالات
وشروط تمديد العقد أو فسخه أو انتهاء آثاره؛ - التزامات المؤمن له عند الاكتتاب فيما يخص
التصريح بالخطر وبالتأمينات الأخرى التي تغطي نفس الخطر؛ - شروط وكيفية التصريح الواجب القيام به في حالة
وقوع حادث؛ - الآجال
التي يتم داخلها أداء التعويض أو رأس المال أو الإيراد؛ المسطرة والقواعد المتعلقة
بتقييم الأضرار من أجل تحديد مبلغ التعويض بالنسبة للتأمينات غير تأمينات
المسؤولية. - إضافة
إلى ذلك، يجب أن يبين عقد التأمين التكافلي: - كيفية
أداء أجرة لمقاولة التأمين وإعادة التأمين مقابل تسيير حساب التأمين التكافلي
ومبلغ هذه الأجرة؛ - كيفية توزيع الفوائض
التقنية والمالية على المشتركين؛ - الشروط المتعلقة
بالتوظيفات المالية لمقاولة التأمين وإعادة التأمين بالنسبة لحساب التأمين
التكافلي"؛
- لا وجود لأي نص قانوني يمنع الأطراف من الإدلاء بوثائقهم لأول مرة أمام محاكم الاستئناف، بل إن الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية أعطى للمستأنف حق إرفاق مقاله بجميع المستندات التي يرى أنها مفيدة في الدفاع عن مصالحه أمام محكمة الاستئناف.
- إثبات مادية الحادثة بناء على تقرير الخبرة ومحضر المعاينة، يندرج ضمن السلطة التقديرية للمحكمة، في غياب إدلاء الطاعنة يما يخالف ما جاء في مضمونهما أو الطعن فيهما بإحدى الطرق المتاحة قانونا.
- لا يمكن تطبيق مقتضيات المادة 4 من الشروط النموذجية لعقد التأمين( الفقرة 2) لأن واقعة الاصطدام بين الشاحنة وصفائح الرخام لم تكن بسبب الشحن أو التفريغ، وإنما كانت نتيجة عدم تبصر وعدم انتباه السائق الذي لم يتخذ الاحتياطات اللازمة للحيلولة دون رجوع الشاحنة إلى الوراء.
إرسال تعليق