جعل عبد الوهاب المسيري في هذه المقالة "معالم
في الخطاب الإسلامي الجديد" الموقف من الحضارة الغربية معيار التمييز بين
الخطاب الإسلامي القديم(ما قبل الاستعمار الأوروبي) والجديد(ما بعد الاستعمار
الأوروبي)، مركزا على الخطاب الفكري الإسلامي الجديد، محاولا تحديد بعض معالمه (ملامحه
وتوجهه وأطروحاته). موضحا أن كلا الخطابين يلتقيان في عملية التأسيس المعرفي انطلاقاً
من الجمع بين المنظومة الإسلامية, والتفاعل مع الحضارة الغربية. غير أن الخطاب
الجديد أكثر إدراكا من سلفه للارتباط الوثيق بين منظومة الحداثة والإمبريالية
الغربيتين(الإمبريالية كانت هي أول تجربة لنا مع الحداثة، والاستعمار الاستيطاني
الصهيوني هو آخرها).
بالإضافة إلى رفضه للمركزية والعالمية التي يضفيها
الغرب على نفسه (ويضفيها الآخرون عليه)، ينطلق الخطاب الإسلامي الجديد من رؤية
معرفية شاملة، فهو لا يقدم خطابا ً للمسلمين وحسب، «وانما لكل الناس» حلا ً لمشاكل
العالم الحديث، تماما ً مثلما كان الخطاب الإسلامي أيام الرسول عليه الصلاة
والسلام. كما يتسم هذا الخطاب، حسب المسيري، بمقدرته
التوليدية. إذ لا يسعى إلى التوفيق بين الحداثة الغربية والإسلام. وإنما يعود
للمنظومة الإسلامية (المرجعية)بكل قيمها وخصوصيتها الدينية والأخلاقية والحضارية
ويستنبطها ويستكشفها ويحاول تجريد نموذج معرفي منها.
إن الاجتهاد، وفق النموذج المعرفي الهرمي الذي تم
استخلاصه (عبر الاجتهادات المستمرة) من القران والسنة، من شأنه تمكين الخطاب الفكري
الجديد من النظر إلى الشريعة الإسلامية كتعبير عن رؤية للكون، وإدراك ترابط أجزائها وتكاملها. ومن ثم،
قدرتها على توليد إجابات على الأسئلة الكلية والنهائية التي يطرحها الواقع على
الإنسان المسلم عبر تاريخه.
إرسال تعليق