..."فجبهة البوليساريو تسمي المخيمات الصحراوية فوق التراب الجزائري ولايات و دوائر و بلديات يقطنها مواطنون صحراويون، تديرهم حكومة صحراوية، و يخضعون لقوانين "الجمهورية الصحراوية" التي اعلنتها الجبهة في 27 فبراير 1976،
بقوة دستور تسنه قيادة الجبهة في مؤتمراتها، لم يخضع يوما لاستفتاء شعبي تفرض البوليساريو نفسها كخيار وحيد للنشاط السياسي على كل مواطني "الجمهورية الصحراوية"، و تربط كل حقوق الصحراويين بالانتساب للجبهة و الالتزام بخطها السياسي.
توزع قيادة جبهة البوليساريو الوظائف السامية في "الدولة الصحراوية" على شخوص قيادييها، بدءا بالرئيس الذي هو الامين العام للجبهة و اعضاء الحكومة و الولاة و قادة القطاعات العسكرية و البرلمان.
لا دخل لشعب هذه الدولة في اختيار حاكميه او القوانين التي يحكم بها، فكلها من اختصاص مؤتمر الجبهة او القيادة السياسية التي تنبثق عنه. فالمؤتمر في ادبيات البوليساريو هو اعلى سلطة يحدد السياسات العامة للحركة و الدولة. و القيادة السياسية المنبثقة عنه هي اعلى سلطة بين مؤتمرين تنفذ ما اقره المؤتمر و لا يحاسبها غير المؤتمر الذي تحل كل السلط في جلسته الاولى، و لا يبقي مجال للمحاسبة.
هكذا يدور شعب "الدولة الصحراوية" في حلقة مفرغة: مؤتمر، قيادة ثم مؤتمر ثم قيادة منذ زهاء نصف قرن. فالبوليساريو بحكم الدستور هي التنظيم الوحيد المسموح به، و قوانين البوليساريو تعطي للحركة السيادة و السلطة على الدولة. و غير ذلك مخالف للدستور.
بنفس طريقة ادارتها للدولة تدير جبهة البوليساريو مسلسل التسوية الاممي. فالجبهة بحكم القوانين هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الصحراوي، و قيادة الجبهة هي من تتفاوض باسم الشعب، و القيادة ملتزمة بقرارات المؤتمر الذي ينتخبها لا بارادة الشعب الذي لا صلة قانونية بينها و بينه، فلا هو من ينتخبها، و لا هو من يحاسبها. فالقانون ينص على ان المؤتمر وحده هو من يحاسب القيادة السياسية، و المؤتمر هو من يتخذ القرارات المصيرية و يحدد السياسات العامة في وثيقة برنامج العمل الوطني. لتستمر دائرة المفاوضات المفرغة منذ ثلاث عقود: جلسة لمجلس الامن ثم تمديد للمينورسو ثم جلسة لمجلس الامن ثم تمديد....
كيف سيخرج الصحراويون من هذه الدوامة؟ الله و رسوله اعلم.
فشعب الجمهورية الصحراوية يعيش فوق الاراضي الجزائرية، و الدولة الجزائرية تعترف و تدعم و تؤوي فقط جبهة البوليساريو. و غير جبهة البوليساريو لا محل له في المخيمات. و من خرج من المخيمات فليس له من يأويه اللهم اذا تخلى عن صفته الصحراوية و اعلن أنه مغربي و انه لا ينازع المغرب في شيء، ما يبقي جبهة البوليساريو و من ورائها الجزائر وحدهما من يمتلك شرعية منازعة المغرب حول الصحراء، و تستمر دوامة النزاع: استقلال/ حكم ذاتي المتواصلة منذ ازيد من قرنين.
لا شيء سيغير هذه المعادلة ما لم يسمح العالم و دول المنطقة بالخصوص للصحراويين الذين تغيبهم قوانين البوليساريو، بالتنظيم و الاعتراف لهم بحقهم في التعبير عن آرائهم بكل حرية.
فالجزائر تعمل المستحيل كي تخرج كل من يخالف جبهة البوليساريو من المخيمات بشتى الطرق لتبقى الممثل الحصري للصحراويين الذين ينازعون المغرب. و موريتانيا تقول بأنه بسبب موقفها الحيادي من نزاع الصحراء لا تسمح بممارسة اي نشاط سياسي مرتبط بنزاع الصحراء فوق اراضيها. و المملكة المغربية التي تعتبر قضية الصحراء قضية وحدة ترابية مقدسة لا تدعم اي رأي صحراوي لا يعترف بمغربية الصحراء. و هكذا تستمر دوامة صحراوي / مغربي المتواصلة منذ قرابة اربعة عقود و نصف، فلا المغرب سيفني الجزائر، و لا الجزائر ستعدم الوسيلة في ايجاد من يتكلم باسم الصحراويين حتى و لو اضطرت الى الباس قرود غابات جيجل الدراعة و الملحفة و قدمتهم للعالم بأنهم صحراويين يطالبون بتقرير مصير شعب الصحراء، و لم لا و هي من يحتكر العلامة المسجلة " صحراوي"."
بقلم مصطفى سلمى ولد سيدي مولود
إرسال تعليق