نشر المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي على صفحته على الفايس بوك تدوينة يحلل فيها بعمق الأسباب الموضوعية والذاتية التي حالت دون نجاح قمة كوالالمبور بماليزيا.
يقول المرزوقي :" من اعتقادي أن المشروع في شكله الحالي والعلني لن
يكون مثمرا بحق لأن منظميه الثلاثة في وضعية هشة وكل تقدم فعلي سيقوي الاعتراض
عليه من أعداء الامة الوازنين وليس للسعودية والإمارات في ذلك الدور المهم بل أكثر
من ذلك فإن مشاركة إيران فيه لعلها اكثر تأثيرا في تخريبه من دورهما لأنها لا تقبل
أن يوجد قطب سني ذو وزن دولي يفقدها ما تتوهمه من دور لها في دار الإسلام:
1-مهاتير سيغادر الحكم قريبا ولست واثقا من أن من
سيليه سيكون حريصا على المشروع رغم علمي بأنه ذو ميول إسلامية لكنه مرتهن للأقليتين
الاخريين في ماليزيا وله صداقات شديدة المتانة مع زعماء صهاينة في أمريكا وإسرائيل.
وقد ترجمت له لقاءه مع كتلة النهضة لما حضر وكنت أحد أعضائها.
2-تركيا تحيط بها تهديدات جمة وينبغي أن تكون شديد
الحذر لأن الغرب يريد احباط مساعيها قبل موعد 2023.
ولا يوجد زعيم بذكائه وفطنته يقبل أن يعرض مشروع حياته للخطر في مغامرة
ليست مضمونة الثمرة إلا في المدى الطويل.
3-وقطر رغم ثروتها المحترمة بلد صغير قد يكون في
وضع أكثر هشاشة من الأولين.
وعلى كل فهو لا يمكن أن يفعل شيئا في المضمار ذا بال من دون الشريكين
الأولين.
هل معنى ذلك أنه علينا أن نيأس؟ .ابدا.
فلا يوجد مشكل لا يقبل العلاج إذا استعملنا الخطط بعيدة المدى وطويلة النفس.
ولأسأل سؤالين: فلنفرض أن اليابان قرر أن يستعيد دورا مباشرا في سياسة الإقليم المحيط
به متحررا من هيمنة أمريكا عليه.
هل يمكن لأمريكا منعه بسهولة؟
بمعنى هل يمكن أن يتعثر اليابان في الحصول على السلاح الرادع الذي ينقصها
في لمح البصر؟. ولنفرض أن المانيا قررت أن تستعيد دورا مباشرا في سياسة الأقليم
المحيط بها متحررة من هيمنة فرنسا وأمريكا عليها.
هل يمكن لهما منعها بسهولة؟. بمعنى هل يمكن أن تتعثر ألمانيا في الحصول على
السلاح الرادع الذي ينقصها الآن في لمح البصر؟. وكان يمكن أن أضيف كوريا الجنوبية
مثلا.
لكن المثالين الاولين كافيان وهما أبلغ دلالة ولهما الحجم الحالي والشواهد
الماضية على إمكان ذلك.
وهدفي هو تحديد ما ينقص المسلمين حتى لو حضرت باكستان واندونيسيا ليكونوا
في وضع اليابان وألمانيا. والمسألة الاستراتيجية هي العمل الضروري في صمت حتى تحقق
تركيا وماليزيا وباكستان واندونيسيا وأي بلد عربي ذو حجم معتبر في موازين القوى
الاستراتيجية فيكون لهم مثل هذين الشرطين الحصالين في اليابان وألمانيا.
واعتقد أن ذلك يسير:
▪︎ فتركيا
وماليزيا وقطر لهم ما يكفي من القدرة المالية لإنشاء صندوق للبحث العلمي الأعلى
يكون مشتركا دون أن يبدو كذلك بتقسيم عناصره بينهم بحيث لا تبدو قوته للعيان في
اجزائه المنفصلة
لكنها سرعان ما تصبح قوة بحجم المشروعات العلمية الكبرى بمجرد الجمع بين
حصائلها.
▪ كما انه بوسعهم أن يؤسسوا بنكا عملاقا يمكن من
تنمية الدول التي يمكن أن تبتز إما بطرد عمالتها المهاجرة مثل باكستان واندونيسيا
أو بإيقاف المساعدات التي تستعمل لشراء النخب وخاصة النخب الحاكمة كما في مصر وبعض
البلاد العربية الأخرى.
▪ وينبغي أن يؤسسوا أهم أداة لإعادة وحدة الأمة
الثقافية من خلال إحياء اللغة المشتركة حتى تستعيد الأمة وحدتها الروحية ليس بين
أجيالها الحالية بل خاصة بينها وبين اجيالها الماضية.
فيصبح تراثها حيا ومؤثرا من جديد حتى تتحرر من التواصل بلغة الأعداء وخاصة
بلغة أمريكا. فتأثير لغتها لا يقل وزنا في التبعية من تاثير عملتها. فإذا تحقق ذلك يصبح للتجمع المشترك لغة واحدة في العلوم والتقنيات ما
يساعد على إنشاء سوق علمية وتقنية وثقافية وابداعية تكون في منزلة الإنجليزية
لتوحيد دار الإسلام كلها.
▪ وينبغي رابعا تأسيس ثاني أداة لإعادة وحدة الأمة
الاقتصادية بتوحيد السوق والعملة.
وتلك هي الغاية التي تجعل تأسيس المجتمع الصناعي القادر على المنافسة مع
عماليق
العصر أمرا متاحا له ما يمكن من الصمود فيها ومن ربح الأسواق الدولية بعد
التمكن منها كما حدث لليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية وحتى إسرائيل.
وعندئذ وعندئذ فقط يمكن الشروع في الأعلان على المشروع وفي اللقاءات
المتعلقة بتنظيمه الرسمي والعلني دون خوف من أحد خاصة وهو مشروع سلمي لا ينوي
محاربة احد.
وأقصى ما يمكن أن يمثله هو حماية الذات ومنع العدوان على الأمة.
هذا هو رأيي والله ورسوله أعلم وأحكم."
أبو يعرب المرزقي
تونس في 20 دجنبر 2019
إرسال تعليق