يعرف د. سعيد خالد الحسن المدركات الجماعية
بأنها منظومة معرفية مجتمعية، ثابتة نسبياً، تتكوّن بتكوّن المجتمع، إذ تتألف
من (أ) مفاهيم مرجعيّة و(ب) قيم حياتية و(ج) تقاليد مسلكيّة ومؤسسية مُعبِّرة عن
هذه المفاهيم والقيم (محل الإحياء والتجديد).
ومن ثم، فإن اكتمال التكوين للجماعة يعني
أنها قد أضحت مجتمعة على قيمٍ غائية عمرانية ( مثل غائية) لها مفهومها المرجعي الذي
تتحدّد به تلك القيم وتتوجه حركة الجماعة على هديها من الماضي إلى المستقبل؛
فمرجعية التوحيد التنزيهية مثلاً، تتجه بالجماعة في الحضارة الإسلامية إلى تبني
قيم الإسلام لِـله على الصعيد الجماعي وقيم الكرامة الإنسانية على الصعيد الفردي باعتبارهما
غايتين تتجه إليهما حركة الجماعة من ماضيها نحو مستقبلها.. وأنها، ثالثا، قد تعارفت على
قيمٍ حركية ( مثل حركية) لنظامٍ ينتظم العلاقات بين الناس في الجماعة.
بناءا على هذه الاستدراكات المنطقية،
والاعتبارات التاريخية المرعية ( التفاعل البشلخي)، انتهى د.سعيد الحسن إلى أن الأمة
العربية بما هي أمة مجتمعية إنما تكونت بالإسلام. الذي عمل من جهة على تحريرها من
التبعية لغير الحق (سبحانه)، وكفل لها من جهة أخرى، شروط تزكية واقعها المجتمعي،
كما صنع بمنظومته الفكرية ( اهتداء بالمرجعية
واقتداء بالنموذج الأعلى) ثقافتها. وقد ارتبط انتشار الإسلام ،عبر حركة الفتوح، لزوما
انتشار العربية (كلسان ولغة للثقافة)، بحيث ظهر الإسلام مرادفاً للعربية. ومن ثم
كان تحصيل حاصل للعربية أن يعتبرها أهل المغرب الكبير لغة الثقافة الجامعة المميزة
لهويتهم شأنهم في ذلك شأن غيرهم من أهل مصر والشام والهلال الخصيب والجزيرة
العربية.. وكان مثل هذا الاعتبار هو عنوان الانتماء المجتمعي العربي/ الإسلامي
المشترك لمستقبل مشترك أضحت فيه المدركات الجماعية هي العنوان للتراث المشترك
(العربي الإسلامي).
وتوقف د.سعيد الحسن عند أهمة مفهوم"
المدركات الجماعية" في تجاوز فتنتنا المعرفية بين نخبنا الفكرية المتأصِّلة
وتلك المُستَحدَثة ، معتبرا أن إحياء هذا المفهوم واجب معرفي.
المصدر: قناة السادسة، برنامج: قضية كتاب، حلقة الدكتور: سعيد خالد الحسن أستاذ التعليم العالي.
إرسال تعليق